مرحبًا بكم فى موقع بيان الإسلام الرد على الافتراءات والشبهات
 بحث متقدم ...   البحث عن

الصفحة الرئيسية

ميثاق الموقع

أخبار الموقع

قضايا الساعة

اسأل خبيراً

خريطة الموقع

من نحن

لقاء عالم3
أ / د. حسن الشافعى

العالم الجليل الأستاذ الدكتور حسن الشافعي رئيس مجمع اللغة العربية بالقاهرة,

ورئيس المكتب الفني لشيخ الأزهر في حوار خاص لـ"موقع بيان الإسلام".. .


أحب الأماكن إلى قلبي هو الأزهر الشريف بلا شك ؛ لأن الأزهر هو المنشأ.
فِكْر الأزهر أن المادة الثانية لا كلام حولها، وأن هذه المادة فوق المناقشة.
أخطر ما مُنِيَ به الأزهر في العقود الأخيرة اضطراب مناهجه وتسطيحها.
الأزهر لا يمارس السياسة بمعناها الحرفي أو الحزبي؛ وإنما يمارسها بمعناها الوطني.
بدون العربية لا تُفهم مصادر الإسلام من الكتاب والسنة.
اللغة العربية مهددة بالضمور في موجات العولمة ما لم نعمل على مواجهة هذا الخطر.
وزارتا التعليم العالي والتربية والتعليم جناحان يطير بهما المجمع في فضاء الثورة المصرية الراهنة.


الدكتور حسن الشافعي من أبناء دار العلوم قبل أن يكون من أبناء الأزهر الشريف؛ فقد حفظ القرآن الكريم، ودرس في بلدته بني ماضي مركز بني سويف بصعيد مصر، ثم التحق بمعهد القاهرة الديني، فنال منه الشهادة الابتدائية بتفوق عام 1948م، وكذا الثانوية عام 1953م، ثم التحق بكلية أصول الدين بالأزهر – وفي الوقت نفسه بكلية دار العلوم بجامعة القاهرة، وحصل على الليسانس والشهادة العالية منهما بمرتبة الشرف، فاختير معيدًا فيهما، وتسلم عمله معيدًا بكلية دار العلوم في قسم الفلسفة الإسلامية عام 1963م، وحصل على درجة الماجستير في الفلسفة الإسلامية عام 1969م عن "سيف الدين الآمدي المتكلم الأشعري المتوفى سنة 631هـ" وهي أول دراسة كلامية عنه، وقد أتيحت له فرصة السفر إلى كلية الدراسات الشرقية والإفريقية بجامعة لندن عام 1973م، فانتقل إليها وعمل تحت إشراف الراحل الأستاذ جونسون والبروفسور لامبتون في قسم دراسات الشرق الأوسط، ونال منها درجة الدكتوراه في الدراسات الإسلامية عام 1977م عن "تطور علم الكلام الاثنا عشري في القرن السابع الهجري"، وهو العمل الذي قدر له أن يصدر بعد نحو ثلاثين عامًا أيضًا باللغة الإنجليزية عن مجمع البحوث الإسلامية بإسلام آباد بباكستان عام 2005م.
ويُعد الدكتور حسن الشافعي قامة سامقة في الفضل والخلق, وعلمًا من أعلام الدين والعلم, وهو أيضًا العالم المجمعي والمحقق الموسوعي. قال عنه الدكتور كمال دسوقي في حفل استقباله عضوًا بالمجمع: "يسعدني أن أزف إلى موكب الخالدين .. علمًا من أعلام اللغة والفكر، قد يسره الله للانضمام إلى الركب بما أنعم عليه من علم وفضل، وما زوده به من خلق ودين، وما أسبغ عليه من تقوى ورضوان".
وقد عاش عالمنا الجليل ينتقل من نجاح لنجاح، ومن تقدم إلى تقدم؛ وقد تُوِّجت مسيرة عالمنا الجليل باصطفاء الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الجامع الأزهر، ليكون رئيسًا للمكتب الفني لسيادته؛ إدراكًا من سيادته بقيمة عالمنا الكبير، ثم جاء العطاء الرباني العظيم ليختاره زملاؤه المجمعيون ـ بعظيم أسمائهم ومكانتهم ـ رئيسًا لمجمع اللغة العربية بأغلبية مطلقة؛ ليكون أول رئيس للمجمع ينتقل من موقع العضوية مباشرة إلى موقع الرئاسة دون أن يمر بموقع الأمين العام أو موقع نائب الرئيس؛ اقتناعًا من علماء المجمع بخبرات عالمنا الإدارية على مدار حياته.
حول المهام الأخيرة التي أُسندت لعالمنا الجليل رئيسًا للمكتب الفني لشيخ الجامع الأزهر، ورئيسًا لمجمع اللغة العربية ـ كان لنا هذا الحوار ...
حوار: مصطفى يوسف، ومنى ثابت
للدكتور/ حسن الشافعي نشاط ملحوظ في الآونة الأخيرة، سواء في رياسته لمجمع اللغة العربية أو في عضويته بمجمع البحوث الإسلامية أو في رئاسة المكتب الفني لشيخ الأزهر الشريف. أي هذه الأماكن أحب إلى قلب سيادتكم؟ ولماذا؟ وما طبيعة عملكم – تحديدًا في مشيخة الأزهر الشريف؟ ولماذا العودة الآن إلى اللباس الأزهري؟
بالرغم من أنني أتحدث الآن في مجمع اللغة العربية إلا أنه لابد أن أكون أمينًا، فإن أحب هذه الأماكن إلى قلبي هو الأزهر الشريف بلا شك؛ لأن الأزهر هو المنشأ، فضلاً عن مكانة الأزهر في ذاته ورسالته الإسلامية، صحيح أن رسالة المجمع، وهي خدمة اللغة العربية هي نفسها رسالة إسلامية؛ لأنه بدون العربية لا تُفهم مصادر الإسلام من الكتاب والسنة، وهي المهمةُ ذاتُها التي تنهض بها كلية دار العلوم، والتي يسعى لخدمتها مجمع البحوث الإسلامية، فالمنظومة إذن بأطرافها الأربعة متضافرة على شيء واحد وهو خدمة هذه الرسالة التي اختارنا الله للمشاركة فيها، ولعل هذا الجواب يتصل بالجزء الأخير من السؤال؛ فاشتغالي بمعاونة الأستاذ الدكتور/ أحمد الطيب .. الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهرـ كبيرًا لمستشاريه أو رئيسًا للمكتب الفني لشيخ الأزهر – دعاني ذلك إلى إيثار هذا الزي، فضلاً عن أنني بعد أن قضيتُ نحو خمسين عامًا تركت فيها هذا الزي الشريف دعاني شيخ الأزهر إلى تمثيله في ميدان التحرير، وكان ذلك قبل أن يسقط رئيس الجمهورية السابق، وقد لبسته يومها، وذهبتُ إلى ميدان التحرير، وقضيتُ يومًا كاملاً، وتكررت المرات بعد ذلك، وتحدثت في بعضها، وكان آخرها قبل سقوط الطاغية في يوم تنحيه، وكنا عندئذٍ نحاصر مبنى التليفزيون، عندما انسحب أنس الفقي (وزير الإعلام وقتئذ) من الباب الخلفي، ثم أُعلن في هذا المساء انسحاب رأس النظام، وبعد ذلك تكررت زياراتي للميدان وظهوري بهذا الزي الشريف، على الأقل مرتين، مرة حين تحدثت بعد خطبة الجمعة إلى شباب الميدان عن شرف الشهادة، وهي جمعة الشهيد، ومرة أخرى حين حاولت مع بعض النواب المنتخبين حماية الشباب من أي احتكاك عنيف وحماية المنشآت والمؤسسات من أي مساس، وتم اللقاء – يومها – بوزير الداخلية الحالي اللواء محمد إبراهيم، وأُشهد أنه كان متفهمًا ومتجاوبًا إلى حد كبير، ولعل هذا أيضًا يجيب عن النشاط في الظروف الأخيرة، والغرض الذي يهدف إليه الأزهر هو بناء موقف توافقي بين الميدان والبرلمان، وبين الشعب والشرطة والجيش، وبين الثوار أنفسهم حول القضايا التي يدور حولها بعض الخلاف، وقد أصدر الأزهر في هذا الصدد أكثر من وثيقة لتحقيق هذا الهدف الذي أشرت إليه، وكان لهذا العبد الفقير إسهام متواضع في تلك الجهود.
• هل الأزهر الشريف مؤهل الآن – بخلفيته التاريخية – للعب أدوار سياسية ونزع فتيل الأزمات، كما كان في سابق عهده؟ وهل يقف الأزهر – بالفعل – على مسافة متساوية من كل الأحزاب والتيارات السياسية؟
أما أن الأزهر اصطنع دورًا سياسيًّا فشيء ليس بجديد، الناس يستحضرون فقط الصورة التي لمسوها خلال نصف القرن الأخير، ولكني أود أن أنبه الذاكرة القومية بذكر أحمد عرابي الذي طالب بالتحرير أو بالتحرر، وقال: لقد وُلدنا أحرارًا، ولن نُورث بعد اليوم، وهو طالب أزهري، دخل الجيش المصري، وفجّر ثورة عرابي.
وأذكر أيضًا شهداء هذه الثورة من العلماء وشهداء ثورة 1919م التي كان قائدها نفسه سعد زغلول طالبًا وخريجًا أزهريًّا على المذهب الشافعي، وللمرحوم الأستاذ فتحي رضوان كتاب بديع عنوانه: "دور العمائم في السياسة المصرية"؛ فالمسألة ليست جديدة، وليست بدعًا من الأمر، وإنما هي عودة بعد عهد الفترة الذي استمر نصف قرن إلى الدور الذي ينبغي أن يقوم به العالم المسلم، وتقوم به مؤسسة كالأزهر برصيدها التاريخي كما ذكرتم ومكانتها المعنوية، باعتبارها مرجعية إسلامية لكل الأمة، أو لأهل السنة والجماعة على وجه الخصوص.
ويقف الأزهر – فعلاً – على مسافة متساوية من كل الأحزاب والجماعات والأطياف الوطنية بمصر؛ لأنه لا يمارس السياسة بمعناها الحرفي أو الحزبي؛ وإنما يمارس السياسة بمعناها الوطني عندما يحتاج الوطن إلى تدخل مؤسسة كالأزهر؛ لحماية الحراك الوطني والمكاسب الوطنية وبناء التوافق بين مكونات النسيج الاجتماعي والديني والسياسي في مصر.
• لماذا لا يقوم الأزهر الشريف بتوحيد الخطاب الديني في مصر عن طريق جمع كل التيارات الإسلامية من (إخوان وسلف وصوفية ووسط ...إلخ) تحت مظلته؛ ليخرج الخطاب الديني واحدًا من تحت عباءة الأزهر الشريف؟
بالنسبة إلى تحقيق هذا الهدف فهو يحتاج إلى جهد، ومسألة توحيد الخطاب بمعنى الاتفاق على الفهم الوسطي الأصيل للدين الإسلامي، وهي روح الأزهر– يحتاج في الحقيقة – بعدما حدث في مصر من تطورات مختلفة إلى جهد كبير، ولكن الأزهر يسعى إلى توحيد أو تنسيق الخطاب الدعوي الرسمي – أقصد الأزهر والأوقاف والداخلية والتوجيه المعنوي – على روح هذا الخطاب المعتدل الأصيل، ويعمل في الوقت نفسه على جمع الأطياف المختلفة في مجال النشاط الإسلامي والعمل الدعوي في المستوى الشعبي على كلمة سواء، أو على الأقل ترك الخلافات جانبًا والتعاون فيما اتفقنا عليه، وأن يعذر بعضنا بعضًا فيما اختلفنا فيه.
وأعتقد أن الأزهر قد حقق بعض النتائج في هذين المجالين سواء على الصعيد الرسمي أو الشعبي بحكم ما ذكرناه من رصيد معنوي، وأيضًا – وهذه شهادة حق – للتوجه المقنع والشخصية المرموقة التي يتمتع بها شخص شيخ الأزهر الحالي، والله ولي التوفيق.
• بعد ثورة 25 يناير والسعي لتشكيل دولة حديثة تجري المناقشات حول طبيعة الدولة المرجوَّة. هل تكون دولة دينية أم دولة مدنية؟ ويثار الجدل كثيرًا حول المادة الثانية من الدستور وإمكانية تغييرها أو ضرورة البقاء عليها – ما رؤية الأزهر في كل ذلك؟
فِكْر الأزهر أن المادة الثانية لا كلام حولها، وأن هذه المادة فوق المناقشة. أما طبيعة الدولة وعلاقتها بالشريعة، فالأزهر يتبنى الفكر الوسطي الذي يقول بدولة وطنية؛ وبالتالي فإن الأزهر لا يقبل حتى كلمة الدولة المدنية، وإن كان البعض يطلقها كحل وسط بين مصطلح الدولة الدينية والأخرى اللادينية؛ ونظرًا لأنه لا وجود لهذا المصطلح في الفكر السياسي، وأنه يُجرى تأويله في بعض الأوساط بالدولة العلمانية، ومعلوم أن الدولة المصرية لها طبيعة مختلفة؛ ولذلك تجنبنا هذا المصطلح، وقلنا الأهم المضمون، ولخصنا هذا المضمون في عناصر أربعة:
الدولة الوطنية: ونقصد عدم الخضوع للعولمة التي تلغي أو تخترق سيادة الدولة القومية الوطنية، الدولة الديمقراطية: يعني أن تقوم على الاختيار المباشر من الشعب، الدولة الدستورية: يعني لابد من وثائق مقررة – ولا يُكتفى بمبادئ عامة أو نصوص أخرى – تبين أركان الدولة، الدولة الحديثة: بمعنى الفصل بين السلطات الثلاث؛ لأن السلطة التنفيذية في مصر كانت تبتلع أو تتدخل في عمل السلطات الأخرى، ويرى الأزهر أن مثل هذه الدولة يتطابق مع متطلبات الشريعة.
• هل حققت ثورة 25 يناير أهدافها على المستوى السياسي .. ... ...؟
بالنسبة لما تم من أهداف ثورة 25 يناير فإن الثورة قد حققت الكثير ، ومن يتذكر ما كنا نحن فيه منذ عام أو يزيد – يستطيع أن يحكم بنفسه على ذلك، ويكفي المناخ الديمقراطي العام, وإننا قد كسرنا حاجز الخوف في النفس المصرية الذي خرسته سنوات القهر على مدى نصف قرن أو يزيد وأسقطت طاغية يستند إلى جيش عرمرم من قوى الأمن وطوائف المنتفعين, ومكَّنت الشعب من إسقاط الفلول في الانتخابات الحرة, وأعطت أملاً في المستقبل سوف يطلق طاقات المصريين وإبداعاتهم, ويعيد مصر الرائدة للمنطقة, وللمشاركة في تاريخ العالم ومسيرته.
وآخر ثمرات ثورة 25 يناير على المستوى الوطني تكوين مجلس الشعب المصري، وكما قال رئيس الحكومة في أول لقاء له بالمجلس:" الوجوه غير الوجوه، نعم الكراسي هي الكراسي، والمكان هو المكان" ويصدق على ذلك قول الشاعر:
                                               أما الديارُ فإنها كديارهم                 وأرى رجال الحيِّ غيرَ رجالهِ
أما على الصعيد الأزهري فقد صدر التعديل لقانون1961م الذي ينشده الناس من الأزهر وهذا مجرد مثال، لكن هناك اضطراب أمني وهناك استقطاب سياسي لا يخلو من خطورة؛ لأن كل الأطراف لا يثق بعضها في بعض، وهناك خلل في الاقتصاد أقل مظاهره هو الهبوط الحاد في الغطاء النقدي، وتوقف لبعض المصانع، ومطالب فئوية متكررة تؤدي إلى تعطيل المصالح وقطع الطرق أحيانًا.
وكل أولئك يحتاج إلى إدارة حازمة، ولكن دون أن ترتكب أي مساس بحقوق الإنسان، وكذلك أن يتفهَّم الثوار والمحتجون وأصحاب الحقوق العلاقة بين الحقوق والواجبات، وهذا هو التغيير الحقيقي، فإذا نظرنا إلى الثورة باعتبارها تغييرًا من الداخل فإنها ما تزال تواجه عقبات وتحديات كبيرة, وتسعى جاهدة لحلها واجتيازها. ولكني ـ بحمد الله ـ متفائل بمستقبل الثورة, وأثق بأنها ستبلغ غاياتها الكبرى بإذن الله, من إرساء أصول الديمقراطية, واستكمال أبنيتها, وانطلاق الاقتصاد المصري الذي جمّده وحجّمه الرئيس السابق وأتبعه للاقتصاد الأميركي, وخلق روابط معينة تعتقد أن مصالحها هي مصالح عامة الشعب, فعملية البناء غير يسيرة, وستكون الأوضاع ـ بإذن الله ـ أعون على تحقيق سائر الأهداف الوطنية الثورية عند استقرار البنى الثورية والدستورية.
• تباينت ردود الأفعال حول وثيقة الحريات التي أصدرها الأزهر الشريف ما بين مؤيد ومعارض، ولعل أبرز هذه الانتقادات أن المشاركين في صيغة الوثيقة اقتصر اختيارهم على التيارات العلمانية واليسارية الأكثر تطرفًا فقط، واستبعاد التيارات الإسلامية بكافة أطيافها، فما رأيكم في ذلك؟
أما ما تسميه بوثيقة الحريات فالأزهر يسميه بيانًا، أما الوثيقة فهي الوثيقة الأولى، وهي وثيقة الأزهر، التي تم الاتفاق عليها بين علماء الأزهر الشريف ومجموعة من مثقفي مصر، وكان الهدف هو بيان العلاقة بين الشريعة والدولة، وما يُرجى في مجال السياسة الداخلية والسياسة الخارجية، ونصت هذه الوثيقة في آخر بندين على استقلال الأزهر. ثم صدرت عدة بيانات، وكان منها بيان الحريات. وسيدرك الناس في الحقيقة بعد مرور الأشهر والسنوات بركة إصدار الأزهر لتلك الوثائق والبيانات، وهن أربع حتى الآن، والثانية تحدثت عن الحراك العربي وما يحدث في اليمن وسوريا وليبيا، والثالثة بيان الحـريات، والأخيرة عن التـوافق وهي التي حضرها الباب شنودة وكل رؤساء الأحزاب في مصر، واتفقوا على ما كان يدور الاختلاف حوله ... إلخ.
أما أن واضعي بيان الحريات اقتصر اختيارهم على العلمانيين فأنا شخصيًّا شاركت في جانب المثقفين المدنيين، ومعلوم أن هناك غلبة للفكر الليبرالي، ولكنِ العلماء الأزهريون كانوا في الصف المقابل، وأذكر أنه كان إلى جانبي مثلاً الدكتور/ محمد كمال إمام، والدكتور/ صلاح فضل (وهو في الأساس أزهري)، والدكتور/ صلاح الجوهري، والدكتور/ جابر عصفور وغيرهم؛ فالمثقفون أنفسهم لم يكونوا من تيار واحد؛ ولذلك فإن عنوان الاتفاق "بين الأزهر ونخبة من مثقفي مصر" ؛ لأن هذه الأسماء الليبرالية هي الأكثر شهرة فقد تم تسليط الضوء عليها، وهو ما جذب الإعلاميين، ولكن بعض هؤلاء الليبراليين قالوا: إننا وجدنا في حلقات نقاش الأزهر ما لم يكن في حوارات أخرى، كما يحدث في قاعة المؤتمرات بمدينة نصر مثلا.
وأن هؤلاء العلمانيين والليبراليين قد وافقوا على وثيقة الأزهر بالتوافق، وأنا أفرح بهذا، ولا يجوز الاستكثار بذوي الاتجاهات الدينية وحدهم، وقد حدث ذلك في الاجتماع الأخير الذي حضره رئيس الوزراء والبابا شنودة ورؤساء الأحزاب، وكذلك بعض إخواننا المسيحيين، وكذلك بعض السيدات، وبعض الصحفيين والفنانين، والمخرج محمد فاضل مثلاً، وبعض المشتغلين بالعمل العام، مع ممثلي كل التيارات الدينية.
• يحتاج التعليم الأزهري في الجامعة إلى تحديث وتطوير؛ فما هي الجوانب ـ في تقديركم ـ التي تحتاج إلى التحديث والتطوير؟
أخطر ما مُنِيَ به الأزهر في العقود الأخيرة اضطراب مناهجه وتسطيحها؛ الأمر الذي أثَّر على نوعية خرِّيجيه ودرجت تمكنهم من العربية والعلوم الشرعية. وتنظيم البيت الأزهري يقتضي إعطاء هذا الأمر الأولوية القصوى, وهو ما بدأه الشيخ أحمد الطيب منذ عامين, بإنشاء الثانوية الشرعية, بالإضافة إلى شعبتي الأدبيات والرياضيات؛ كي تؤهل حملتها للالتحاق بالكليات الشرعية, بهدف العودة بمناهج هذه الشُّعبة تدريجيًّا إلى ما كان عليه حال الأزهر قبل حركة " التطوير " التي فرضها عبدالناصر عام 1961.
لعلي أجبت عن التساؤل المتعلق بالتعليم الأزهري, وعودة الأزهر الحقيقي والأزهري الأصيل إلى دوره في المجتمع المصري والإسلامي الذي زاحمه فيه هواة لم يحسنوا الأداء, أو متشـددون عاد بعضهم ـ بحمـد الله ـ إلى فكر الأزهر الوسطي, والحراك الأزهري بل الإسلامي بمصر يتجه عمومًا إلى التسليم بمرجعية الأزهر واتجاهه الوسطي بحمد الله.
• نعلم جميعًا أن الحوار من جانب الأزهر الشريف متجمد مع دولة الفاتيكان لمواقف معينة معلومة. هل هناك محاولات لتقريب وجهات النظر ورأب الصدع, أم أن قرار الأزهر نهائي لا رجعة فيه, أم الأفضل عودة الأمور إلى ما كانت عليه خدمة لصالح البشرية؟
وقت الحوار الرسمي كانت له أسبابه التي لم تتغير, وليس السبب فيها راجعًا إلى الأزهر بل إلى الطرف الآخر, إلا أن الحوار مستمر على مستويات كثيرة غير قيادة الفاتيكان مع كل الطوائف المسيحية في الداخل والخارج ومنها القوى الكاثوليكية في الداخل والخارج, وقد شاركت شخصيًا خلال العام الماضي في مؤتمرات بألمانيا وإيطاليا مع قوى وجمعيات كاثوليكية باسم الأزهر, وأوضحت الدواعي التي أدت إلى موقف الأزهر تعبيرًا عن مشاعر المسلمين لما كان من مواقف الفاتيكان. ولا يمكن للأزهر أن ينعزل عن الحوار والحراك الدولي الذي يؤثر على مصائرنا ضمن الجماعة البشرية.

• بوصفكم مفكرًا إسلاميًّا هل تصلح التجربة التركية للتطبيق في مصر؛ بمعنى احترام الهوية الدينية لأفراد الشعب مع عدم التنازل عن علمانية الدولة, وإعطاء الأولوية الاقتصادي والعلمي؟
أما إعطاء الأولوية للتقدم العلمي والاقتصادي عن طريق التنمية الشاملة فأمر لابد منه. وأعتقد أن الدولة الجديدة تتوجه إليه وستظهر آثاره وتجلياته للناس عند انصراف كل القوى الوطنية إلى العمل. أما النموذج التركي فبرغم نجاحه في بيئته فلا أعتقد أنه يناسب مصر لا يحتل فيها التوجه إلى علمانية الدولة أولوية دستورية كما هو الحال في تركيا, وأعتقد أننا سنرى النموذج المصري الذي مهدت له وثائق الأزهر التي تلقتها الأمة بالقبول على اختلاف أطيافها ومنظماتها رجالاً ونساءً, وأحزابًا وشبانًا, ومسلمين وأقباطًا؛ وذلك إذا تضافر الفكر الوطني مع الأداء الرسمي بإذن الله.
• ما هي أمنيات سيادتكم للأزهر الشريف بشكل خاص؟ ولمصر بشكل عام؟
ما أرجوه للأزهر هو ما أرجوه لمصر, وهما لديَّ أشبه بجيش واحد, والأزهر لديَّ رسالة وفكر ومنهج وتراث وطني واجتماعي وديني, وأحيانًا أردد القول: ( الأزهر هو الحل )؛ أقصد لما يواجهنا من مشكلات فكرية بل وسياسية. وأنا على ثقة أن مصر ستعود بفضل أبنائها الثوار, وبفضل الأزهر ودوره التاريخي الذي يتصدى له الآن, مع ترتيب شئونه الداخلية, ستعود مصر والأزهر لتقود نهضة العالم الإسلامي الذي يتهيأ لدور تاريخي جديد حال الغرب زمنًا طويلاً دون نهوضه به, والأمر منوط بيقظة كل واحد منا وأدائه واجبه قبل أن يطالب بحقه{وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} (يوسف: ٢١).
• على الصعيد الآخر نهنئ سيادتكم برئاسة مجمع اللغة العربية. ما طموحاتكم لتطوير المجمع بعد فوزكم بمقعد رئاسته؟
طموحاتي إنجاز أعمال ثلاثة : المعجم الكبير, والمعجم التاريخي, وتكثيف الخدمات اللغوية الموجهة إلى الشبيبة العربية أطفالاً وشبابًا؛ فإن الكهول قد تم تكوينهم, والشيوخ قد أدوا ما عليهم, والفئة الأولى هي صاحبة المستقبل, وهي المطلـوبة في الأوضاع الثقافية والتعليمية الراهنة؛ وينبغي تسريع إصدار المعجم المصور, وإتباعـه بمعجم الصورة والصـوت, وتشجيع تأليف الكتب " المقررة " في فروع العلـوم اللغوية ( النحو والصـرف والبلاغة والأدب ) حسـب المواصفات التي انتهت إليها لجـان المجمع عندما درسـت ( العربية في التعليم ودو المجامع ) .
• كيف لمجمع اللغة العربية أن يتواصل مع وزارتي التربية والتعليم والتعليم العالي, وأن ينقل هذه الرؤى من أجل التعليم باللغة العربية والاتجاه نحو تعريب العلوم؟
التواصل قائم بالفعل, وسيزداد هذا التواصل إن شاء الله, ووزارة التعليم العالي هي قناة المجمع إلى الدولة, وهي التي تحمل إلينا وتتلقى منا التوصيات التي ألزم القانون الأخير ـ الذي صدر من البرلمان المصري منذ ثلاث سنوات ـ الدولةَ كلها ـ وفي مقدمتها وزارة التعليم العالي ـ أن تنشرها في الجريدة الرسمية؛ فكل قراراتنا وتوصياتنا إنما تصل إلى المواطن المصري والمسئولين في كافة أجهزة الدولة عن طريق وزارة التعليم العالي. أما وزارة التربية والتعليم فهي رفيقتنا في تعليم الناشئة, وهي التي تؤسس العقول المصرية, وأنا أستاذ جامعي, أعرف مدى التدهور الذي أصاب تعلم اللغة العربية, ونحن لا ندين بذلك الوزارة وحدها؛ وإنما نحن ندين أنفسنا وندين الآباء وأولياء الأمور وندين تطور الحياة المصرية في العقود السابقة التي تخلفنا فيها في مختلف جوانب الحياة, وليس في التعليم فحسب؛, ونطمع ـ إن شاء الله ـ أن يبلغ الله سبحانه وتعالى بنا الغاية والهدف, وما توفيقنا إلا بالله, عليه توكلنا وإليه ننيب.
• هناك اتهامات لمجامع اللغة العربية في العالم العربي, أنها لا تعمل, ولا تنتج, وأنها منكفئة على الماضي، ولا تلتفت إلى مسايرة ركب الحضارة المعاصرة. ما تعليقكم؟
قد يكون هذا الاتهام صحيحًا بالنسبة إلى الصورة النمطية للمجمع, ولكنه ليس صحيحًا في واقع الأمر، لكن عيب المجمع ـ وربما بعض المجامع الأخرى ـ أنه لا يتصل بالجمهور, والنافذة التي نصل بها إلى الجمهور هو الإعلام؛ فالإعلام لا يقوم بالتوصيل الكافي بين منتجات المجمع وتوصياته وقراراته ومطبوعاته وبين جمهور العرب؛ ولذا يكاد لا يحس الناس بالمجمع, يكفي أن تعلمي أن في هذا المجمع ثمانية عشر لجنة تتابع الفكر العلمي العالمي, و نكاد نلهثُ وراء التيار المتقدم يومًا بعد يوم وساعة بعد ساعة؛ فنحن بحاجة إلى أن نوصِّل منتجاتنا إلى الباحث العربي والمثقف العربي والناشئ العربي بوجه خاص, وإلى الجمهور العربي بوجه عام.
وقد كان الإعلام في الماضي لا يعبأ بنا, وكوننا أننا نعكف على الماضي؛ فنحن نعتز بالتراث العربي, لأنه مضت على هذه الأمة ستة أو سبعة قرون كان العلم العالمي ينطق فيها بالعربية, وكانت الإبداعات الفكرية والتكنولوجية تنشأ كذلك باللغة العربية. وأقول لكي إنني أول ما زرت لندن, وكان هناك ما يُسمى مهرجان العالم الإسلامي، رأيت أول ما رأيت مهندسًا إنجليزيًّا يعرض على الناس مخطوطة لمهندس عراقي اسمه شمس الدين الجزري مضى عليه سبعة قرون؛ شمس الدين الجزري هذا اخترع آلة تتحرك من تلقاء نفسها، هذه هي الحضارة الحديثة، أن الأدوات كانت تُدار بالقوة البدنية. أما أن تُدار الآلة بنفسها فهذا هو منشأ الإنتاج الكبير ومنشأ الحضارة الحديثة, ولم يكتفِ الرجل بعرض المخطوط؛ ولكنه أعاد صنع الآلة وشغَّلها أمامنا, وكان بعض المستشرقين اليهود يعتقد أن هذا اختراع صيني؛ فقيل له : هذا اختراع عربي إسلامي.
نحن الآن متخلفون, ونعترف بذلك؛ ولكننا في المجمع نحاول أن نصل العقل العربي بالإبداع الفكري في اللغات الأخرى عن طريق اللجان الفنية للمجمع, ولسنا عاكفين على الماضي أبدًا؛ بل وجوهنا ناظرة إلى المستقبل.
• قضية تعريب العلوم, وقضية تعليم الناشئة في مدارسنا للغة الأم ( اللغة العربية ), بعد مزاحمة اللغات الأجنبية لها. هل هناك اتجاه من مجمع اللغة العربية لتعزيز تعلم اللغة العربية في المقام الأول, بجانب تعلم اللغة الإنجليزية ولكن بشكل ثانوي؟
في الحقيقة سبق للمجمع في سنواته الثلاث الماضية أن درس ثلاث قضايا: اللغة العربية في التعليم, واللغة العربية في الإعلام, واللغة العربية ومنظمات المجتمع المدني، وما أشرتِ إليه من التعريب وغيره. فالواقع أن المقترحات والمشاكل التي نعاني منها قد دُرست في المؤتمرات الثلاثة, وخاصة التعليم الأجنبي الخالص, نحن لسنا ضد تعلم اللغات الأخرى, بل إن اللغة العربية في أعز أيامها وأقوى أوقاتها كانت وثيقة الصلة باللغات الأخرى؛ وذلك في أيام المأمون ومن بعده منذ القرن الرابع الهجري وهي كانت تُعد اللغة العلمية الأولى في العالم, إلى الحد الذي كان حتى باباوات روما إذا أرادوا أن يتصلوا بالفكر العالمي فإنهم يتعلمون العربية, وحتى الآن ما تزال إمضاءات بعض الباباوات على هوامش الكتب العربية القديمة مخطوطة وباقية, فاللغة العربية ـ كما قلتُ ـ كانت هي لغة العلم والثقافة والفكر في العالم . لكن الآن كما تعلمين لا يقتصر الأمر على تعلم اللغات الأخرى واعتبارها نوافذ لتخصيب وإغناء اللغة العربية وإنما هي احتلال للعقول العربية, أنا أذكر شكوى قدمها أحد أعلام الفكر في مصر, واسمه الأستاذ محمد علي علوبة باشا, وكان أحد قادة الفكر والعمل في مصر قبل الخمسينيات؛ بل كان رئيس لجنة فلسطين مرتين, هذا الرجل يقـول في مذكراته :" إنني فوجئت أن حفيدتي لا تعرف شيئًا عن اللغة العربية, وهي تحفظ أناشيد ترددها في طابور الصباح بلغات أخرى, وبعض هذه الأناشيد ذات طابع ديني غير إسلامي, ولا تعرف من سور القرآن الكريم شيئًا", ثم قال :" هذا ليس تعليمًا وإنما هو احتلال للعقلية العربية". هذا الرجل ليس شيخًا ولا من الظلاميين ولا هو من الرجعيين؛ وإنما هو رجل مشهود له بالاستقلالية وهو أحد زعماء الفكر والتنوير العرب. فنحن نحذر من هذه المدارس الأجنبية, ليس لإغلاقها, إنما لإعادة ما صنعته الدولة المصرية عام 1957م بعد العدوان الثلاثي عام 1956, فألزمت المدارس الأجنبية أن تدرس اللغة العربية, وأن يكون هناك قسم خاص للغة العربية, وأن يكون رئيس هذا القسم الوكيل؛ وكيل المدرسة, وصاحب المكانة الثانية بعد المدير, وليس كما هو معلوم أن تكون حصة اللغة العربية ومادة الخط العربي هي الحصة الأخيرة في اليوم السابع؛ وأعتقد أن هذه القرارات لم تُنسخ, ولكنها ككثير من قراراتنا تُتجاهل, والقانون لا قيمة له ما لم يُنَفَّذ, فنحن نعتقد أننا يجب أن نؤكد على تعلم اللغات الأخرى لإغناء لغتنا وخدمتها, كما كان هو الحال أيام قوتها وعزها, وكانت أوثق صلة باللغات الأخرى؛ لأن الضعيف ينكمش ويخاف من الغير, لكن القوي ينفتح ويفتح منافذه لكل أنحاء العالم؛ و لكل لغات العالم.
هذه العقيدة أو الخلفية هي التي ينطلق منها المجمع في موقفه من هذه المدارس, وينبه إلى خطرها على الوجدان القومي وعلى الشعور الديني وعلى اللسان العربي لدى هذه الطائفة الكبيرة من شبابنا وبناتنا الذين سيحكموننا في المستقبل؛ فلابد أن يحس الجميع بالأخطار الحقيقة التي تتهدد لغتهم ولسانهم وتراثهم؛ ليس هذا فحسب وإنما وحدة النسيج الاجتماعي في مصر, لأنه إذا كان هناك من لا يعرف إلا الفرنسية ولا يكاد يعرف إلا ألفاظًا قليلة من العامية, ويباهي بذلك ويقول :" أصلي أنا متعلمتش نَحَوي"؛ هذا الكلام الفارغ الذي يقوله بعض المتعلمين أو من يُسمون مثقفين؛ فيتعلم بالفرنسية فقط, أو يتعلم بالإنجليزية فقط, ولا صلة له بتراث قومه ؛ وذلك من أكبر الأخطار على مستقبلنا الاجتماعي.
• ما هي أهم ملامح مؤتمر مجمع اللغة العربية لهذا العام؟
هذا المؤتمر سيحضره ممثلون عن جميع المجامع العربية وباحثون من غير العرب, والمحور الأساسي الذي سيدور عليه المؤتمر هو" مستقبل اللغة العربية"؛ لأن الواقع أن هناك تهديدًا شديدًا للغات العالم, وهناك سعي لسيادة ثقافة واحدة ولغة واحدة على ألسنة العالم وعقول العالم, فنحن ندافع عن اللغة العربية, ولسنا ندافع بالكلمات وحدها؛ وإنما نزيد قوة اللغة وغنى اللغة وسيطرة اللغة على ألسنة أهلها وحسن نطقهم لها.
وأعتقد أن اللغة العربية إن لم تكن مهددة بالزوال كلغات أخرى في العالم باعتبارها اللغة السادسة في تعداد اللغات في العالم وإحدى اللغات في الهيئات الدولية؛ لكنها مهددة أيضًا بالضمور في موجات العولمة ما لم نعمل على مواجهة هذا الخطر, وهذا هو همنا في الملتقى العلمي لهذا العام، بالإضافة إلى مواجهة ما عساه يحمله المستقبل من تهديدات أخرى للغتنا، وما يحمله أيضًا من أفكار وتقنيات يمكن أن تخدمها.
• ما أمنيات سيادتكم للغة العربية ؟
إن اختيار الله للغة العربية لسانا لذكره الحكيم, وحفظ الله لهذا اللسان بحفظ القرآن الكريم, فإن اللغة العربية صارت بهذا التشريف لغة مقدسة وقد ساعد على التوسع الأفقي للعربية أنها لم تعد لغة أدب شعري ونثري فحسب, يحفظه جيل بعد جيل بالرواية الشفهية, بل غدت تحوي بنزول القرآن الكريم دينًا قيمًا, ونظامًا للحياة متميزًا, يعتنقه الناس عن طواعية, ويدخلون فيه أفواجًا, فيربطهم ذلك بالعربية لسان الوحي, ويدعوهم إلى اتخاذها لغة لهم مع بقاء اللسان الأصلي على أفواههم, وبعض تراثه في ضمائرهم وعقولهم. وإن معرفة المسلم ببعض من العربية وإحسان بعض المسلمين لها مطلب شرعي.
وأنا أرى أن هناك دورًا كبيرًا يقع على المجمعيين لخدمة اللغة العربية، وهو الحاجة الماسة لإعداد الكتب المناسبة لتقديم العربية لغير العرب؛ أسوة بما يفعله أهل اللغات الأخرى في تقديم لغاتهم لغير أبنائها بطرق ميسرة. وأهم من ذلك إعداد المدرس المؤهل علميًّا لهذه المهمة التي يقوم بها الهواة الآن, ولا يوجد معهد عربي بمصر يعد هذا المدرس المنشود.
وأيضًا فيما يخص مجال المصطلحات فقد ناديت من قبل بأن يقوم المجمع بتأليف معجم لمصطلحات الفقه الإسلامي وقد كان بالفعل، وفي مجال الترجمة ضرورة أن يتم الترجمة من العربية وإليها؛ وفي ذلك سبيل إلى إثراء اللغة ودعم حيويتها، وفي مجال التحقيق أن يكون للمجمع دور في العمل على إعداد المحقق الجيد, والعمل على التنسيق بين هيئات النشر ومؤسسات التحقيق في مصر.


*********
 


   
   
:الاسم
:البريد الالكتروني

:التعليق

 

سلسلة الحوار الحق


برنامج شواهد الحق


برنامج أجوبة الإيمان


برنامج حقائق وشبهات


برنامج الرد الجميل


مناظرات أحمد ديدات


التوراة والإنجيل والقرآن


حقائق قرآنية


لماذا أسلمت


آيات القرآن ودلائل القدرة


صيحة تحذير


لماذا أسلموا


علماء مسلمون


محمد الرسالة والرسول


محمد المثل الأعلى


 
  
المتواجدون الآن
  881
إجمالي عدد الزوار
  36757939

الرئيسية

من نحن

ميثاق موقع البيان

خريطة موقع البيان

اقتراحات وشكاوي


أخى المسلم: يمكنك الأستفادة بمحتويات موقع بيان الإسلام لأغراض غير تجارية بشرط الإشارة لرابط الموقع